mardi 31 janvier 2012

مارسوا اعمال الكبار..ففقدوا براءة الاطفال.




أطفال في عمر الزهور أجبرتهم الحاجة وضيق ذات اليد لأسرهم إلى هجر مقاعد الدراسة وترك اللعب مع صغار الحي  والتوجه إلى العمل، مارسوا أعمال الكبار وتعلموا لغتهم ولجأ بعضهم إلى الشارع ففقد براءة الأطفال، يلهثون اليوم وراء لقمة العيش بين أزقة وشوارع نواكشوط ، منهم باعة متجولون في الأسواق و عاملون في الميكانيكا ومتسولون و"نشالون" على جنبات الطرق وغيرها من الأعمال التي قد لا تتحملها أجسامهم الضعيفة.


الطفل سيدي سالم 13ربيعا ليس إلا حالة من مئات الأطفال الذين قذفت بهم أمواج الحياة الصعبة إلى عالم محفوف بالمخاطر بين شوارع نواكشوط ، حيث يعمل بائعا متجولا لـ" النعناع"  بين البيوت وبين الأزقة لعله يجد ما يساعد في إعالة أسرته لأنه " الأب الصغير المعيل" لأم واخوين في حي لمغيطي العشوائي.

الطفل سيدي تحدث لتقدمي بلغة تنم عن تجربة لشاب في الثلاثين من العمر، لكن واقعه يؤكد أن أيام وليالي الكدح صنعت منه رجلا ناضجا، حيث قال:أن الفقر الذي تعيشه أسرته جعله يلجأ للعمل لأنه حين فتح عينيه لم يجد والده معه تحت سقف واحد بل وجد أمه تكدح وتعاند قساوة الحياة من اجل أن توفير رغيف خبز لأطفالها، مضيفا انه يعمل لجني بعض المال لمساعدة والدتي على مصاريف البيت.


تنوعت أساليب العمل و كسب الرزق لدى أطفال موريتانيا، بعد أن اقتحموا العمل التجاري من بابه الواسع وزاحموا الباعة  الكبار، في السوق وعند مفترق الطرق وعلى جنباتها، لكنهم اليوم بعد مضايقتهم من طرف بعض الكبار،اهتدوا مؤخرا إلى طريقة جديدة للعمل حيث التنقل بين المنازل وطرق الأبواب لبيع سلعتهم ،غير آبهين و لا مبالين بحجم المخاطر المحدق بهم، المهم بالنسبة لهم هو جني مال يغنيهم عن مد أيديهم للتسول ليقاسموا ذويهم تكاليف الحياة.


رحلة يقوم بها بعض الأطفال من منزل لآخر باحثين عن زبائن قابعين في منازلهم يرضون اقتناء بضاعتهم غير مكثرتين لحجم المخاطر التي قد تلحق بهم سيما بالنسبة للفتيات فلعلهن الأكثر عرضة لخطر والاعتداءات، كما أكدت الناشطة الجمعوية " حابصة سي" التي قالت أن مثل هذه الأعمال هي الأكثر خطر على الفتيات وقد يتعرضن للاغتصاب أو التحرش وربما يتعلمن انحلال الخلق في حالة تحكم أحد المتصابين بهن.


وحسب استطلاعات للرأي قامت به منظمة إيواء الأطفال في نواكشوط فإنه تم تسجل عدة حالات تحرش و اعتداء على الأطفال الذين اتجهوا إلى ممارسة هذا النوع من العمل، وعلى الرغم من قسوة الظاهرة في محيطهم وتزايد أعداد  المتضررين من العمالة، لا توجد حتى الآن  أرقام أو إحصاءات رسمية -حسب الجهات المعنية- للأطفال الذين يلجون سوق العمل، رغم الخطوات  الحثيثة التي تتخذها الدولة لدمج وتكوين مثل هؤلاء، وفي المقابل يوجد المئات من الأطفال يعملون في مجال التسول بمختلف مظاهره ويعيشون في ظروف سيئة ولا يخضعون لرقابة من الوزارة الوصية.



وأشارت دراسة جديد أصدرت مع نهاية العام المنصرم ودقت ناقوس الخطر حول هذه الظاهرة، حيث أشارت الى ان الأطفال الذين يعملون في بعض المهن معرضون للعديد من أمراض الجهاز العصبي والتنفسي ونقص التغذية إلى جانب المصاعب النفسية التي يعاني منها الطفل بسبب العمل وأثاره في سنه المبكرة، كما أشارت الدراسة إلى ان اغلب الأطفال يتعرضون للتحرش الجنسي والعنف الجسدي.

ولا تزال المعلومات الموجودة عن حجم عمالة الأطفال متضاربة، بينما تطالب جهات حقوقية بتطبيق القانون الذي يحمي حقوق الطفل، حسب المواثيق الدولية لحقوق الطفل.


ظاهرة عمالة الأطفال لا تزال مستمرة في الإستفحال لأن الجهات المعنية لم تتخذ إجراءات رادعة للذين يستخدمون الطفل للعمل- حسب بشري رئيس منظمة "إيواء الأطفال" الذي يقول أن العديد منهم  فرضت عليه ظروفه الاجتماعية المزرية أن يقتحم ميدان الشغل و أصبح يدرك أن العمل واجب وحتمية ملحة إذا ما أراد أن يأكل قطعة خبز ويشرب كأس حليب، مضيفا ولم يشاهد تدخل ملموس من قبل الدولة لمثل هذه الشريحة التي تعتبر الركيزة لأي مجتمع.


وجهات نظر..


أخصائيون  في علم النفس يرون أن فرض العمل على الطفل لجلب قوت يومه وتحميله مسؤولية إعالة أسرته لا محالة سينعكس سلبا على سلوكاته وتصرفاته ويكسبه شخصية متذبذبة غير متزنة، مضيفين أن الطفل


يكتسب من عمله في الشوارع سلوكيات وطباع مثلما يكتسب من مدرسته أو أسرته، فهو إذا ما تلقى سلوكا مشينا فإنه لا محالة يكسبه ويصبح يطبع تصرفاته وتتفاقم إذا ما أهملت الأسرة دورها في تصويب الاعوجاج وصقل الأخلاق، حيث تكبر معه وربما تكون السبب المباشر في دخوله عالم الانحراف

وهو ما أكده المتخصص في جرائم الأطفال والناشط الجمعوي " بشرى ولد محمد الأمين" الذي يقول أن الطفل مثله مثل الورقة البيضاء تتلون بالصبغة المتوفرة في البيت أو الشارع أو المدرسة و عليه ضروري أن تتحلى الأسرة باليقظة والحذر خلال هذه المرحلة المهمة من الحياة العمرية ، مشيرا إلى أن مرحلة الطفولة حاسمة في عملية بناء شخصية الطفل الحقيقية.


وأكدت مراقبون أن الأطفال الذين يتنقلون على مستوى المنازل لبيع سلعهم معرضون اكثر من غرهم للمخاطر النفسية والجسدية، لأن الطفل بعمله هذا يعيش صراعا نفسيا كبيرا على اعتباره سيجابه أشخاصا غرباء يجهل هويتهم ، مضيفين أن بعض الأطفال يظهرانه  يتمتع بنفسية عالية ولا تخفي مشاعر الخوف بيد أنه في حقيقة الأمر ينتابه شعور داخلي بخوف مريب في رحلته للبحث عن زبون كما إن الحالة النفسية المضطربة التي تلف حياته تجعله يعيش صراعات داخلية وتذبذب وحالة لا استقرار.



كما حذر مختصون في قضايا حقوق الأطفال أولياء أمورهم الى السعي بكل جدية  الى الحد من حجم المخاطر التي قد تلحق بأطفالهم جراء تركهم يشتغلون على أبواب العائلات محتملة تعرضهم إلى اعتداءات جسدية تنعكس على نفسيتهم، وهذا يصنع بداخله قطيعة مع حياة نفسية هادئة وسوية ويمهد لبناء شخصية متذبذبة وضعيفة لا تساعده مستقبلا على مواجهة تحديات المصاعب.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire