dimanche 20 avril 2014

عويل الصينيين ، وضحك الالمان .. ولاشيئ !!


في إطار رحلة البحث عن منفى للهموم ، وتخليص المرء من أثقالها التي تحرق الصدر ، وتضيق النفس ، قبل ان تثقل الكاهل ، توصل الصينيون إلى أن مقهى جديد لهذا الغرض بالذات ، يعوي فيه كل من لديه شيئ من ذلك ، ربما كفيل بالأمر ، كما رأى الألمان أيضا أن الضحك نصف ساعة يخفف من التوتر ، ومخلص للنفس من ذلك الحزن والغم ، تجربتان على الاقل في أولاهما وجد بعض الصينيين سبيلا للخلاص من كآبنهم ، كما أنه في الثانية أيضا وجد عمال إحدى الشركات الالمانية مايخفف أعباء النكد ، ويدخل السرور إلى قلب مهموم   .
أما عندنا فنرى المهموم يبكي كثيرا ، وفي أكثر من مكان ، بدون جدوى ، وفي نفس الوقت من اختار طريق الالمان والضحك ، ولو بطريقة أخرى  ، وأكثر من نصف ساعة ، أيضا يضحك دون جدوى ، مما يثير التساؤل حول جدية ضحكنا وكذلك الحال مع البكاء ؟
ضحك الالمان وعوى الصينيون ، وكانت لهم نتائج ذلك ، أما نحن فزاوجنا بين الاثنين والوليد هجين ، لايستمد من أصله أيا من سيمه الوراثية ، ربما عامل البئة كان حاسما في الموضوع ، فعندنا لا يوجد تفريق بين الاشياء ، بل التمييع والتحريف والتزوير قد يكونان أفضل ، وهدفا منشودا ، خصوصا حين يتقاطعان مع أطماع بعض الباكين ، أو الضاحكين نصف ساعة من أبناء النكد والحمل الثقيل .
ربما لأننا أيضا تباكينا غير هادفين للتخلص من تلك الاعباء ، أو ضحكنا متيمنين الخروج من حيزها حينا ولو نصف ساعة فقط ، وبعده يكون مضينا في الضحك نوعا من الهيستيريا تباكيا عليه ، وحشوما ، أكثر من الضحك للخلاص .
العلة في الاشياء هي الاصل ، وبانعدامها تنعدم ، أو تبقى على الأقل قوالب ، يمكن استخدامها لأغراض أخرى ، كما رأينا .
يحتدم النزال اليوم بين الأمور الأصيلة وغير المفبركة ، وتلك المفتعلة النشاز ، وربما كان لذلك أثره البالغ على بكاء الصينييين عندنا ، خصوصا أنه اصبح لدينا خبراء كثر لجلب النسخ غير المفيدة من هناك ، سوى لجالبها والشركاء ، مع سطو أصحابها على المال والعقل الجمعوي من أجل بلوغ الربح فقط ، والربح هو السر ، وبإمكان هؤلاء التفنن في الاستيراد ووفقا لتلك الاسس من أجل ذلك السر ، شريكا وهميا ، حلوى على انها دواء ...
و لايختلف الأمر كثيرا مع الضحك ، فمع أن نسخته الأصلية ضحك من أرباب العمل في شركة ألمانية على نفوس العمال ، أرادوا ذلك عوضا عن تقديم الامتيازات والعلاوات وحق العمال فيها ، ومع ذلك كان لأصحابها على الأقل بذلك اعتراف بحق هؤلاء في الضحك ، أما عندنا فللأمر وجه آخر أقبح ، ليس خلفه عمل ، أو اعتراف بحقنا ، وإنما سهر رواد السر أيضا على هذا الجانب الآخر ، والعمل على إخراج من يدعي سروره بوجود هؤلاء ومايفعلون ، وتقمصه دور الضاحك ، الذي يقف ممثلوه أحيانا عاجزين عن الضحك بعد قبولهم الدور المفتعل ، مما يعني انه حتى وإن وجد فهو تمثيلي لا غير ، وهو مادفعهم اليوم إلى محاولة تسويغه من خلال أمور ، ملامح مغموم فيها قد تكون أكثر تجانسا مع الأمر ، وهو ماعرف  بالمبادرات ... ، أي أنهم أصبحوا يضحكون بالمبادرات ، و على من ؟
فعلا نحتاج إلى البكاء وفي أشسع من مقهى ، نحتاج إلى ذلك السيل من الدموع الحقيقي لجرف كل النكد ، وأصحاب المصائب ، وبطارقة الاتجار بالوطن والضمير ، وركب أمواج تلك الدموع لتوصلنا إلى بر الضحك والسرور بواقع جميل ، لا ضحكا على العقول .

dimanche 6 avril 2014

قانون المستبد عصا جور


لم يتوقف الانسان يوما عن الكفاح من اجل الافضل ، وعرف ذلك منذ الأزل ، ورافق مختلف مراحل البشرية ، فلم تخلو أي حقب  من حقب التاريخ من رائدين في هذا المجال ، كانوا دوما الشعلة التي تنير الدرب ، وتسعى للرقي والازدها بشعوبها ، وبلدانها ، اتجاه مصاف التحضر ، والعيش الكريم ، وإن اختلفت مشارب هؤلاء ، وسبلهم لتحقيق ذلك ، فإن الهدف المنشود ظل واحد ، كما هو الحال في التعامل معهم ، فقد كانوا دوما يصطدمون بجدار الاستبداد ، المسلح بالأيادي الباطشة ، والقوانين الجائرة .
إن أكثر اليوم ما يؤرق الحالمين بالتغيير ، والماضين في ذلك السبيل ، مبتغين الأفضل لشعوبهم وأوطانهم ، هو قانون الجور الذي يكتبه المستبد ، في إحدى صفحاته السوداء ، ليس إيمانا منه بالقانون ، أو العدل ، وإنما بحثا عن أداة قمع وتنكيل في ثوب وهم الشرعية ، مستفيدا في ذلك من وضع شكلي يوهم به نفسه قبل الغير أنه يخوله ذلك ، بوجوده في السلطة ، وتوفره على اشكال المعرف بها ، يرجع إلى الهندسة والميكانيكا أكثر من الدستور ومصادر الشرعية ، مثل مجالسه اللا دستورية وغيرها ... ، الأمر الذي  يوحي بعدم ارتباط نصوص وأفعال مثل هذه الأنظمة بالقانون والشرعية .
لا يخفى على من يعيش في عالم اليوم مفهوم دولة القانون ، والغرض منها ، كما النصوص التي تعمل بها ، الحاضرة في مجمل تفاصيلها ، التي لم يجد الانسان الخارج من جحيم الاستبداد أفضل منها ، وهو من نحتها ، نزوعا للقيم ، وحنانا منه إلى مضجع تصان فيه كرامته ، وتحترم له فيه حقوقه ، وسلطته المنبثقة من إرادته تسهر على أن يتم ذلك على أكمل وجه ، مما يعني ان القانون ودولته ، وجدا بدافع وتطلع من الشعب ، بعد ما عاناه في زنازن الاستبداد ، بيد أن ذلك لا يبقى على تلك الحال حين تكون طلائع المشهد قوى الاستبداد ، العدو الأزلي لنظم العدل وإرادة الشعوب ، والتي دوما تسير في عكس اتجاه إرادة ومصالح الشعب .
مادام الأمر واضح وبهذا القدر من التجلي ، يبقى النزوع نحو المغالطة والمكائد والتضليل اتجاه الشعب أمر مفضوح ،  مهما كان اللثام ، وأيا كان المفهوم ، لأن العلة الحقيقية من القانون لا توجد في مثل هذا ، من حيث غرضه ، وكذلك مصدر شرعيته ، بمعنى ان إلباس الجور ثوب القانون ، مجرد تحريف للقانون ، والالتزام بالميكانيكية في إخراجه لا يضفي عليه صبغة الشرعية ، لأن القانون أداة للعدل ، وشرعيته مصدرها مصالح وإرادة الشعب ، وليس تصفية خصوم المستبد ومناهضيه ، أو مطيته في النهب وغيره من فساد .
ومنه لا يكون مثل هذا النوع من النصوص بالمكان المحترم ، أو الواجب التسليم به أو طاعته من طرف المواطنين ، بل الواجب مناهضته والوقوف في وجهه ، فهو من أقبح أوجه الاستبداد ، والمراد منه التنكيل بالمناضلين الشرفاء ، والتخلص منهم عن طريقه .
لايكون للقانون الذي يضعه المستبد أي ارتباط بفكرة العدل ، التي يوضع من أجلها القانون ، أو صلة بإرادة الشعب التي يستمد منها شرعيته ، ومنه يبقى قانون المستبد كأفعاله ، لا عدل فيه يرتجى ، ولا شرعية له تهاب ، ولا يستغرب ذلك من المستبد  ، لاسيما في البلدان التي تختل فيها معايير القيم وتتردَّى مفاهيم الأخلاق ويسود التسلط ، والقانون فيها مجرد عصا ، يستعملها المستبد لما يريد ، الجديد في ذلك القانون الذي سيخرج هذه الايام "الاطار القانوني لمجتمع المعلومات الموريتاني "، والذي يقف الآن بباب محطته الأخيرة ، وخروجه منها سيكون مثل مرور متسابق الرالي بمنعطف سهل ، وهي عبارة عن برلمان ميكانيكي ، يصوت آليا ، مفتاح زره بيد السلطة ،  والغرض من هذا القانون (العصا) تكمبم الافواه ، والضرب بيد من حديد على أنامل يريدون لما تخطه من أحلام وتطلع مشروع لهذا الشعب  ، يعادي مشاريعهم في البقاء والتسلط عليه ، أن يكون جريمة ، بدل التركيز على إجرامهم الحقيقي ، والمشهود الذي لا لبس فيه اتجاه هذا الشعب الضعيف .

لا يدل تقديم مثل هذه القوانين إلا على استبداد من يقدمه ، ووجود برلمان يشرع مثله يفضح ما خفي وراء شكله ، انعدام تمثيل الشعب والدفاع عن مصالحه ، و مثل هذا النوع من القوانين لا مرجع له في العلوم القانونية النظرية ، ففقهاء القانون برءآء  منه ، وكذلك مراجع الشرع ، وقيم العدل ، والشعب لا يراعي حريته وكرامته عله يحظى بدعمه ، ومنه يكون لا وجود له إلا في خيال الاستبداد كغيره ، مما يحيك في مخيلته ضد الشعب  ، ولا أرى له ذلك سببا سوى في مقارعته .