mercredi 13 février 2013

موريتانيا وأمل التغيير




ظلت موريتانيا منذ عقود لا تدخل أزمة إلا وأخرى على الأبواب أزمات كعبتها الأنظمة العسكرية المتعاقبة ، التي تنتهج سياسات أقل ماتوصف به بأنها فاشلة ، فهي لاتراعي مصالح المواطنين ولاتكترث لحالهم ، الأمر الذي يستدعي سخط المواطنين وعدم رضاهم عن مثل هكذا أمر ، وفي ظل تراكمات جعلت صدر المواطن ضيقا حرجا عن تحمل مزيد منها وجد المواطن نفسه في وسط متغيرات إقليمية تهاوت في وجهها عروش ونياشين الأنظمة الاستبدادية في المنطقة ،فهل لموريتانيا من مقعد في قطار التغيير ؟
قال مبارك مصر ليست تونس وقال القذافي ليبيا ليست مصر ... لكن خانهما التوقع وكانت الأمواج واحدة عصفت بكليهما كما فعلت بالسلف ، وبعد خروج الشعب الموريتاني ردد النظام ماردده سلفه "موريتانيا ليست كشقيقاتها " .
صحيح موريتانيا ليست مثلهم فلاتعليمها كتعليم تونس ولا فقرها كفقر أي من الأخريات ...
نتيجة مايعيشه الوطن داخليا من ظلم وتهميش وإقصاء ودكتاتورية من جهة وربيع عربي إفريقي وصل نسيمه المطهدين في موريتانيا من جهة أخرى، بدأت التحركات الشعبية المطالبة بالتغيير في موريتانيا يوم الخامس والعشرين من فبراير 2011 .
وبين اسر الاحتقان السياسي والاجتماعي ، وتردي الوضع الاقتصادي والصحي والخدماتي ، عاش الوطن والمواطن ،واقع استدعته السياسات  التي ينتهجها  النظام والتي لاتراعي من مصلحة الوطن والمواطن سوى الحرص على تأمين استمراره في السلطة ، اعتمادا على القمع الداخلي وتقديم التنازلات لدرجة المس من السيادة للقوى الخارجية ... فذلك بالنسبة لهم هو غطاء الشرعية ، وهم بها :
نائي المناهل طامس أعلامه     ميت الشخاص بها يكاد يحول
لكن الشباب الموريتاني ظهروا مرددين لم نعد مغفلين ولا للذل قابلين ، فمن يسأل يعرف ومن يسعى يجد ومن يخرج يصل ، لن نتركها غنيمة للمفسدين أو دمية للعابثين .
بهذا خرج الشباب مقارعين الدكتاتورية لكسر قيود الظلم والاستبداد ، متخذين من عظمة النفس البشرية سلاحا في وجه كل المعوقات التي قد تعترض طريق التغيير ، أو تحول بينهم وتسطير مستقبلهم وحاضرهم بأيادي نظيفة .
إلا أن الطريق في سبيل ذلك صعبة وشائكة ، فبالإضافة إلى الانتهازيين ، هم في وجه نظام مخالبه تطال كل مناح الحياة وتنهش كل طالب للتغيير ، فضلا عن مقدراته التي هي مقدرات الشعب الموريتاني التي يسخرها في إجهاض أي عمل من هذا القبيل .
وبين هذا وذاك وجد الحاضر الغائب - منسقية المعارضة الديمقراطية - نفسها في قطيعة مع النظام القائم مما يجعل تعاملها معه أصبح شبه مستحيل ، لتدخل هي الأخرى على الخط حاملة شعار "الرحيل" ، فقد :
عزت كواهلها العرائك بعدما     لحق الثميل فمالهن ثميل
إن الأمل في التغيير بلاشك يتطلب التوحد والتضامن بين كل القوى الجماهيرية التي ستمثل قوة ضغط أشبه بالاعصار لا يمكن أن يصمد أمامها أي نظام بأي أزلام ، وفي وجه ذلك لايبقى له سوى البحث عن مخرج بأقل التكاليف ومثال ذلك حي كما حدث مع النظم التي كانت تأكل وتقتل أبناء الدول الشقيقة ، حيث لاصمود لأبناء الغوغاء وأجهزة الإعلام غير المسؤولة بل والمشبوهة في ظل نكوصها عن تأدية الدور المنوط بها اتجاه كل أبناء الوطن الذين أعطوهم حق الامتياز بشتى أنواعه ، ومع ذلك الرد بغير الجميل فاق كل أنواع الكذب والتضليل .
وفي ظل الانتكاسة التي تطال مختلف المراكز الحيوية التي هي بمثابة الشرايين المغذية لوجود أي كيان من هذا القبيل والتي يجب أن  تكون الشغل الشاغل لمن ولاءه لوطنه لايبقى من مبرر لوجود مثل هذا النوع من الأنظمة .
وبين الأمل في سبيل ذلك وواقع يملي ضرورته ، تنصب الأنظار حول شباب يحمل شعلته ويؤمن بقضيته ، التغيير هدفه والخامس والعشرين من فبراير يومه ، فهل ذكراه القادمة ستكون لهم يوم انتصار أم مجرد جمع قوى واستمرار ؟