mercredi 4 octobre 2017

وباء الديكتاتورية وحتمية المواجهة 


مدارس السياسة ومدارك المنطق تختفي عن رادار المتأمل لحالنا أملا في فهمه ، فخصوصيتنا التي شوهت المفاهيم ، وميعتها عن قصد وسبق اصرار ، خوفا من الفهم وتفاديا للتمييز ، جعل القائمين على هذا النفاق والخلط  يبذلون كل الجهود ويسخرون كل الطاقات ليظل الحابل مختلطا بالنابل ، والصحيح بالخطأ ، تفاديا للثمن الغالي الذي سيدفعه أصحاب جمهورية النهب والظلم والاحتقار والتسلط والتجهيل والنفاق ، فهم أناس لو كان لهم حجم وعتاد يتجاوز حدود تضليل قلة من الضعفاء في حيز جغرافي محدود لوقف في وجههم العالم بأسره ، لأنهم يهددون الانسان في ماهيته وكيانه ، فما بالك بأضعف خلق الله وأفقره وأتعسه وهم يتسلطون عليه ويذيقونه طعم الأمرين كل يوم بل وكل ساعة ؟
يجتاحنا وباء الدكتاتورية منذ عقود ، وكل جيل منه أكثر براعة في حصار وخنق هذا الشعب الضعيف المغلوب ، وهو تطور منطقي لجيل يستفيد من سلفه ويريد تطوير وسائله ليظل يحكم قبضته النارية على مغلوبين رماهم له الزمن والجغرافيا ، والجو خال حتى من شباب على الأصابع يعكرون صفوه أو يحاولون مقارعته ، فتكاد تسمع أي صوت ينبهك على حجم الخطر وفداحة الكارثة والنفق المظلم الذي ساقنا إليه هؤلاء الصعاليك ، وكأن الجميع مستسلم لقدر محتوم ينتظر كل فيه ساعته ليذهب بهدوء وكأنه اختار حتى الفناء على العيش في كنف هؤلاء .
أن ينفرد بحكمك في القرن الواحد والعشرين شخص ليس له من المؤهلات سوى نياشين تحيل من يستحقها للتفاني في خدمة وطنه ، وتأديته واجبه الأمني بكل إخلاص ، أما أن تجعل منه ناكرا لجميل وطنه الذي أهداه الاوسمة وما يترتب على ذلك من امتيازات ويغدر به ، وبدل أن يضرب على يده يترك له مصير دولة وشعب يعبث بهما فهو والله منكر الساسة وبدع السياسة .
تصور أخي ثروتك تبدد وعرضك ينتهك وكرامتك تمتهن وصحتك يتلاعب بها وروحك أرخص وليس من الشقق في فرنسا أو القصور في الوطن وإنما من سعر ساعة يد لأحد أزلام نظام العسكر ، ومستقبلك للمجهول ... ، ومع ذلك تترك الساحة لهؤلاء يسرحون ويمرحون ، وأحاديث جانبية عن التيار والجهة والعرق والقبيلة وفتات يناثر كالقمح للدجاج ، ومكاسب وهمية يظن بعض المعارضين تحقيقها على حساب رفاقه كلما في الأمر ، وكأنهم يرضون لشعبهم ولبلدهم هذا الحال ، أو يعملون في المساحة التي رسم لهم حدودها ، وأي تجاوز لتك الحدود يمثل تعد صارخ وعمل تخريبي تجب مجابهته من الجميع  ، لا لانعدام الامن " أمن النظام " ، لا لا لا ، في الوقت الذي لم يترك فيه نظام البطش غير لا في وجه تسلطه لا في وجه سرقته لا في وجه اختطافه لبلد يقوده للتلاشي والزولان ، حيث لا أمن أساسه القهر ، ولا استقرار أساسه الظلم ، ولا تعايش على الغبن ، ولا استمرار في ظل عدم وجود مقومات البقاء .
يستقر الاشخاص راضين في ظل عقد اجتماعي يحمي للجميع مصالحهم ، ويصون كرامتهم ، لا يسمح فيه بتعدي أي شخص على آخر مهما كانت رتبته أو مركزه ، يسود فيه العدل ، وينعم فيه الكل بأكبر قدر ممكن من الرفاهية ، تسخر فيه الطاقة المجتمعية لخدمة المجتمع والدولة ولا تترك لنزوات الأفراد وجشعهم ، وغير التعايش على أمر كهذا درب من الخيال وأمر مستحيل ، ومتوهمه يلعب بالنار ، فالصعلكة وقانون الغاب لم يعد لهم من مكان في عالم ثار عليهم قبل قرون .

على كل من يخاف على هذا الوطن ويغار عليه مراجعة قبوله التعايش مع النظام الدكتاتوري ، وتأجيله لمعركة محتومة توفرت كل أسبابها ، فلم يترك هذا النظام خيارا لمن لا يعرف بديلا عن هذا الوطن ولا يريد له الخراب والدمار والزوال لم يترك له من خيار سوى مواجهته ، فما الذي يخافه شعب فقد كل شيء ، ولا ينتظر أي شيء ، حتى كلمة أمل يتلاعب بها نظام الذل ويمجها كل يوم ، فماذا ينتظر من ثلة قليلة تتعاقب عليه منذ عقود تحمل معول هدم لا يعرف الرحمة ولا يكترث لحال ؟