mercredi 28 novembre 2012

سبت الأربعين / باب ولد ابراهيم




في غموض طغت فيه الشائعات على الحقيقة ، عاشت موريتانيا أربعين يوما، بعد قصة الرصاصةِ الصديقة التي أصابت الجنرال محمد ولد عبد العزيز مساء السبت 13 أكتوبر.. أصيب المطبلون والمنافقون خلال تلك الأربعين يوما بسبات عميق، فلا هم متيقنون أن الجنرال عائد ليهيئوا مبادرات الدعم والمساندة، ولا هم متأكدون أن حكم الجنرال انتهى ليبدؤوا في ترتيب أوراقهم استعدادا للمرحلة القادمة..
 في الوقت ذاته وقعت القوى الوطنية - التي كانت تسعى لإحداث التغيير-  ضحية حسابات مغلوطة جعلت تحركها خجولا وفاعليته محدودة , ليتيه الوطن وأحلامه وطموحه بين رصاصة صديقة تتمتع بالحصانة العسكرية , وسوء تقدير للقوى الحية.

من سبت الرصاصة الصديقة حتى سبت الأربعين عاشت موريتانيا صمت المذعور وحيرة المنافق الذي أصبح يعيش فراغ الولاء بينما عصافير منسقية المعارضة تشوش ذهنه وتقف في وجه سكينته وهي تغرد في سماء العاصمة تردد بوقار انتهت الحقبة والتشاور مفتاح الأزمة وهي لم تدرك بعد فاعلية أغلال المؤسسة العسكرية التي أبقت الأبواب موصدة وبيدها -لا سواها - زمام المبادرة لتأخذ الكل على حين غرة في تمام الأربعين  يوم السبت الذي أعاد إلى أذهان الصحفيين قبل غيرهم الحقبة التي طالما كانت ذريعة لحاكمنا وزمرته في كل ما يفعلون بما يحمله هذا اليوم من تبشير بالعودة الى ماض طالما سبوه ووصفوه بنظام المفسدين.
استقبال تباهى به أزلام النظام معتبرينه الأكثر في تاريخ موريتانيا من الفقراء في استقبال رئيس الفقراء، حقيقة تنعى جهد النظام خلال الثلاث السنوات لم تزد الموريتانيين إلا فقرا  فباتت  غالبية المواطنين بين من  لايملك قوته اليومي ومن يعيش على أبواب المساجد ومتجولا في الشوارع وطارقا لكل الأبواب بحثا عن ما يسد به ظمأه ويسكت به صرير أمعاءه , وبين من يعاني من بطالة تعد اليوم رقما صعبا زادت نسبتها عن 48% حسب الجهات الرسمية- المشكوك في صدقها-  , فضلا عن انعدام البنى التحتية  او وجود مشاريع تنموية , تصرف ثروته امتهانا لكرامته ، وبمعنى آخر أن استقبال رئيس الفقراء بات من رغيف الفقراء بعدما ضاقت حصص المتنفذين عن ذلك.
في سبت الأربعين إلى جانب المقربين المحافظين ...!  أخرج  المستضعفون والمرحلون مأجورين بأموالهم  وكأن حقهم فيها يكتسب بالوقوف في الصفوف متلقين فخامته ’ كما  أخرج الموظفون  عنوة غصبا عن أنوفهم لا خيار أمامهم سوى تقديم الولاء علنا وفي المكان المحدد أو الذهاب إلى طابور البطالة والانضمام إلى الباحثين عن لقمة العيش وكأنهم أصبحوا أيلة اليوم " يوم لا يسبتون لا تأتيهم ".
في سبت الأربعين صدعت حناجر المطبلين والمزمرين بما جادت عليهم به قرائحهم المسلوبة بعشق الحاكمين العسكريين ،- حتى كادوا ينسوهم دينهم وأخلاقهم فطفقوا يسبون يشتمون ويتهجمون على غيرهم من الفرقاء  السياسيين، تواصليون ، تقدميون  أو تكتليون ... فالكل في مرمى ألسنة  المنافقين المطبلين المهللين الذين لغيرهم رافضين وبالتعددية غير مؤمنين ومن الفرقاء السياسيين محذرين- متناسين اننا في ربيع خلع الدكتاتوريين وحرية التعبير وكشف خيانة المغتصبين للسلطة وأخواتها والعابثين بالمشارب الفكرية غير المؤهلين لفهمها ولا استيعاب مضامينها ، محاولين ارغام الشعوب على الاستكانة والذل تحت يافطات التقية والهوان .
وبين حلم التغيير ونزيف الخزينة والمؤسسات الدستورية وظهور النعرات القبلية تقف موريتانيا حائرة بين نزيف يهدد بقائها وحلم لم يرى النور بعد ’ ليطفو في هذا الجو إشكال هل أصبح  للمتناقضين  إمكانية التعايش في موريتانيا ؟

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire