vendredi 20 juillet 2012

اللهم عمر


قال أسلم : [خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى السوق، فلحقت عمر امرأة، فقالت: يا أمير المؤمنين! هلك زوجي وترك صبيةً صغاراً، والله ما يجدون كراعاً، ولا لهم زرعٌ ولا ضرعٌ، وخشيت أن تأكلهم الضبع، وأنا بنت خفاف بن إماء الغفاري -صحابي جليل- وقد شهد أبي الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم، فوقف معها عمر ولم يمض، ثم قال: مرحباً بنسبٍ قريب، ثم انصرف إلى بعيرٍ ظهيرٍ كان مربطاً في الدار، فحمل عليه غرارتين ملأهما طعاماً وحمل بينهما نفقةً وثياباً، ثم ناولها البعير وما عليه، ثم قال: اقتاديه فلن يغني حتى يأتيكم الله بخير ...
وقال أسلم أيضا: خرجنا مع عمر بن الخطاب إلى حرة واقم (وهي الحرة الشرقية من المدينة) حتى إذا كنا بصرارٍ -مرتفع من الأرض- إذا نارٌ، فقال: يا أسلم ! إني لأرى هاهنا ركباً قصر بهم الليل والبرد، انطلق بنا، فخرجنا نهرول حتى دنونا منهم، فإذا بامرأة معها صبيان صغار وقدرٌ منصوبة على نار، وصبيانها يتضاغون -يصيحون ويبكون- فقال عمر : السلام عليكم يا أصحاب الضوء! -وكره أن يقول: يا أصحاب النار! هم يوقدون ناراً، و عمر ينتقي الألفاظ- قال: السلام عليكم يا أهل الضوء! فقالت: وعليك السلام، فقال: أدنو؟ فقالت: ادن بخيرٍ أو دع، فدنى، فقال: ما بالكم؟ قالت: قصر بنا الليل والبرد، قال: فما بال هؤلاء الصبية يتضاغون؟ قالت: الجوع، قال: فأي شيءٍ في هذه القدر؟ قالت: ما أسكتهم به حتى يناموا، والله بيننا وبين عمر -تقول المرأة: والله بيننا وبين عمر - فقال: أي رحمك الله، وما يدري عمر بكم؟ -المرأة تقول: الله بيننا وبين عمر ، نحن في الصحراء لوحدنا لا نجد طعاماً، و عمر يقول وهي لا تدري من هو: أي رحمكِ الله وما يدري عمر بكم وأنتم في هذه البقعة النائية؟- قالت: يتولى عمر أمرنا ثم يغفل عنا؟ قال: فأقبل عليَّ، فقال: انطلق بنا، فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الدقيق -دار اتخذها عمر خاصة لتخزين الدقيق- فأخرج عدلاً من دقيق وكبةً من شحم، فقال: احمله عليَّ، فقلت: أنا أحمله عنك، قال: أأنت تحمل عني وزري يوم القيامة؟ لا أم لك، فحملته عليه، -الخليفة يحمل على ظهره، ويمشي والطعام على ظهره من المدينة إلى الحرة الشرقية، إلى المكان النائي الذي فيه المرأة، ويهرول من أجل الأولاد- فانطلق وانطلقت معه إليها نهرول، فألقى ذلك عندها وأخرج من الدقيق شيئاً فجعل يقول لها: ذُري عليَّ وأنا أحرك لكِ، وجعل ينفخ تحت القدر -الخليفة منبطح على الأرض صدره في التراب ينفخ على الحطب حتى يشتعل- ثم أنزلها فقال: أبغيني شيئاً أسكب فيه، فأتته بصحفةٍ فأفرغها فيه، ثم جعل يقول لها: أطعميهم وأنا أطبخ لهم، فلم يزل حتى شبعوا، وترك عندها فضل ذلك -بقية الكيس- وقام وقمت معه، فجعلت تقول: جزاك الله خيراً، كنت أولى بهذا الأمر من أمير المؤمنين، فيقول: قولي خيراً إذا جئت أمير المؤمنين وحدثيني هناك إن شاء الله، ثم تنحى ناحية عنها -ابتعد ثم استقبلها ينظر إلى مكانها من بعيد- فربض مربضاً فقلنا له: إن لنا شأناً غير هذا، ولا يكلمني -يقول: لابد أن تكون الوقفة لهدف، و عمر لا يتكلم- حتى رأى الصبية يضطجعون، ثم ناموا وهدءوا، فقال: ياأسلم ! إن الجوع أسهرهم وأبكاهم، فأحببت ألا أنصرف حتى أرى ما أرى]

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire