samedi 7 juillet 2012

ذكرى العاشر من يوليو ...!



تقع موريتانيا بين دول غرب إفريقيا ,وهي في الأصل مستعمرة فرنسية مابين 1902-1960م ,تاريخ إعلان استقلالها من طرف أول رئيس لها -28 نوفمبر 1960- في فترة لا تمتلك فيها سوى صحراء قاحلة وشعب بدوي وسلطة اتسمت بقلة طاقمها وانعدام وسائلها ,ومنه كانت بداية الدولة الموريتانية التي ولدت في الجزء الأهم من الصحراء الكبرى ,لتكون ثالث أبطالها النوق والنخل .
بدأت الوليدة بتدبير شؤونها بنفسها ورسم خارطة لمستقبلها وبين بدائية النشأة وطفولة الشباب ,استطاعت تجاوز العقبات الأساسية داخليا من خلال تأميم وإنشاء بعض المؤسسات الضرورية لوجود واستقلال أي دولة ,كما هو الحال خارجيا من خلال التواجد رسميا في المؤسسات الدولية ولعبها دور المؤسس في الإقليمية منها .
لكن موريتانيا الفتية سرعان ما اغتيل شبابها وهي في الثامنة عشرة من عمرها ,من طرف حماتها ,من خلال أول اغتصاب للسلطة في 10 يوليو 1978م ,متذرعين لفعل ذلك بما تعيشه على بعض المستويات خصوصا الأمني منها ,لتكون تلك نقطة البداية لمسار لم ينتهي بعد ,والمتتبع لمراحل هذا المسار وما حدث فيه من اختلاف في الأشخاص واتفاق في النتائج ,يجد حاضرا بذهنه إشكال هل مصائب شعب لضباطه فوائد ؟
لقد تجلت مظاهر المدنية في الدولة الموريتانية حين استقلالها , من خلال طاقم مدني من طرفه كانت تسير السلطات الثلاثة داخل الدولة ,حيث كانت السلطة التنفيذية مدنية من رئيسها إلى أعضائها , كما هو الحال مع السلطة التشريعية , وكذلك مؤسسة القضاء .
لكن فجر العاشر من يوليو سنة 1978م شكل نقطة تحول في مسارها نتيجة التحول الجذري لنظام الحكم فيها وظل ذلك وتداعياته ينخران جسمها حتى اليوم .
إن الحديث عن الانقلابات في موريتانيا يعني الحديث عن خمسة عشر انقلاب وجد البعض منها سبيله في الاستيلاء على السلطة بينما فشل الآخر في ذلك ,بدأت بانقلاب 1978م وظلت مستمرة ومحكوم بها كقدر محتوم أعناق الشعب الموريتاني حتى اليوم .ويمكن  اختزالها عموما ,و تقسيمها إلى ثلاث مراحل أساسية تبدأ أولاها من 1978م حتى 1991م حيث بداية المرحلة الثانية التي انتهت بانقلاب 2005 الذي شكل هو الآخر بداية للمرحلة الثالثة التي لم تنتهي بعد .لولا الاختلاف في الأشخاص والأسماء لقيل أن موريتانيا عرفت انقلابا واحدا ,وذلك لاتحاد جميع الانقلابات في الأسباب , والتشابه في المسار ,والوصول إلى نفس النتائج .
كان العاشر من يوليو 1978 موعد موريتانيا مع أول انقلاب من طرف مجموعة من ضباط جيشها , دوافعهم في ذلك كما قالوا الحرب التي يخوضها الجيش ضد البوليساريو في ظروف وصفوها بالصعبة , فهو غير مؤهل لذلك من حيث السلاح والمئونة والتدريب كما أنه غير مؤهل لما فعل أيضا...
لقد تلازم مع هذا الانقلاب ,القضاء على جميع المظاهر المدنية في الدولة , وهو ما اتضح جليا من خلال الميثاق الذي يمنع التعددية السياسية , ويحرم على المدنيين ممارسة السياسة .
لكن لم يمضي وقت طويل على هذا الانقلاب حتى جاء الانقلاب الثاني من داخل اللجنة العسكرية الحاكمة ومدبرة  الانقلاب الأول وذلك في ابريل 1979 و لم يعمر طويلا هذا الانقلاب حيث لم يمض أصحابه في الحكم إلا بضعة أشهر نتيجة تحطم الطائرة التي تقل قائده في ظروف غامضة ,لينتدب أحد أعضاء اللجنة العسكرية رئيسا من طرفها لمدة شهرين لينقلب على رفاقه ليسمى انقلابه بانقلاب الانقلابات  , ومنه لم تعرف موريتانيا انقلابا ناجحا إلا 12-12- 1984 على يد مجموعة من الضباط حاولت سنة 1991 وضع دستور يفتح جديدا في المسار السياسي في موريتانيا بقدر الإلحاح  على الشكلية المطلوبة .
لقد طبعت الفترة الممتدة مابين 1978 و1991 كثرة الوعود من طرف كل من يقدم على قيادة انقلاب في موريتانيا , وعود برفع المستوى المعيشي والمساواة ووعود التنمية التي لا تحصى ولا تعد . إضافة إلى تصفية الأشخاص الذين يشك في ولائهم من العسكريين كما هو الحال مع المدنيين المعارضين , ومن أمثلة ذلك تصفية البعثيين العسكريين من دوائر السلطة والانتقام من المدنيين منهم من طرف قادة انقلاب 1979 .وحصل أيضا في الانقلاب الذي تلاه حيث تمت تصفية بعض الضباط ومن بينهم العقيد أحمد سالم ولد سيد والعقيد انيغ , وكذلك المقدم اباه ولد عبد القادر .
لقد ظل الانقلابيين تلو الانقلابيين لا هم لهم سوى تأمين قلعة الحكم والبقاء فيه على حساب مواطن ضعيف ينخر جسمه المرض والجوع والجهل ...
وبعد انتهاء صلاحية الوعود الخطابية في سنة 1991 حول العسكر القانون إلى وعود شكلية ,ليجردو بذلك القانون من معناه وميزته الجوهرية عن باق المنظومات الاجتماعية والأخلاقية وهي صفة الإلزامية ... وهو ما اتضح حين وضعت الترسانة التشريعية من طرف الحكم العسكري في سنة 1991 , حيث نص ذلك الدستور على التعددية الحزبية في الوقت الذي منع فيه ترخيص بعض الأحزاب المستوفية الشروط المطلوبة , كما تم حظر بعض الأحزاب بعد الاعتراف بها ومن بينها أكبر الاحزاب المعارضة أنذاك . كما نص نفس الدستور على حرية التعبير والإعلام ... في الوقت الذي طالت فيه يد السلطة السياسيين والإعلاميين المعارضين باعتقالهم وسجنهم كما تمت مصادرة بعض الصحف والجرائد المستقلة .
وبالرجوع إلى المجال الاقتصادي والاجتماعي نجد تمركز الثروة في يد السلطة الحاكمة وتدهور الحالة الاقتصادية للبلد إلا درجة الانهيار ...
وفي سنة 2005 نهاية المرحلة الثانية بداية المرحلة الحالية كان الشعب الموريتاني على موعد مع المارتون  الذي ألفه ضباط من الجيش يستولون على السلطة , لكن خبرتهم في التزييف والحيلة ... تفوق كل من سبقهم , حيث أضافوا إلى تمثيل القوانين تمثيل الأشخاص . كما حكم أصحابهم من قبل بدستور هم أول من تطاول عليه وداسه , أراد العسكريون الجدد الحكم برجل مدني سرعان ما اتضح ذلك حين تجاوز حدود وكالته واتخذ قرارا بعزلهم حيث لم تمضي عليه ساعتان حتى انقلبوا عليه ووضعوه في السجن ليتضح الوجه القبيح لهؤلاء بعد أن انكشفت خديعتهم , ليطلوا من جديد على الشعب الموريتاني لتأدية طقوس دأب عليها كل من يأتي منهم , يتمثل جانب منها في كثير من الوعود الكاذبة تضمنت في هذه المرة مصطلحات قالوا أنهم من ابتدعوها وأنا أشهد لهم على ذلك (الفساد...).
لتبقى بهذا وغيره موريتانيا المصنفة من حيث المقدرات بالدولة الغنية – احتياط من الحديد يقدر ب 10 مليار طن  جيدة النوع ,تصدر منها سنويا 12 مليون طن وشاطئ من أغنى وأكبر الشواطئ العالمية بالأسماك , طاقته سنويا تقدر ب 600000طن , فضلا عن وجود نهر بالحدود الجنوبية بطول 650كلم يوفر أراضي قابلة للري تزيد على 240000 هكتار , واحتياطي من الذهب بين الأول أو الثاني عالميا مسؤولة عن إخراجه وتسويقه وجني ثماره شركة تازيازت التي بلغت مبيعاتها 2009 حوالي 150 ألف أونصة من الذهب محققة بذلك رقم أعمال يبلغ مليار دولار منها 65% أرباح _تأوي شعبا لايتجاوز 3 مليون نسمة , تتركز ثروته في يد 5% فقط والباقي تحت خط الفقر , إضافة إلى أمية تزيد نسبتها على 75% , فضلا عن انعدام شبه كامل للبنية التحتية , مقابل كبت الحريات وعدم السماح حتى بالصراخ ألما من هذا الواقع , فلا صوت يعلو على قنابل الغاز المسيل للدموع ورصاص الشرطة وكلابها وسواويطها ...
ليبقى هذا الشعب من سنة 1978 من مصيبة تسلمه لأخرى حتى يومنا هذا , مصائب لا يعرف من انفراجها  سوى جعلها ذريعة لمتلهفين للنهب مغرمين بالتسلط , ضباط يجثمون على رؤوس شعب مصائبه لهم فوائد .
فهل مصيبة اليوم ستنتهي وفق مارتون 10يوليو أم أنها ستكون كما رأينا على طريقة الشعوب ؟

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire