mardi 21 janvier 2020

ماذا تغير ؟



راح ولد عبد العزيز ، عاش ولد الغزواني ، هكذا ودع الجمهوريون رئيسهم بالأمس ، واستقبلوا رئيسهم اليوم ، وهذا ديدنهم ، فهم جمهور لا يحب الآفلين ، ولا يترددون ولو لحظة في التعلق بالقبطان الجديد ، يلتحقون مسرعين ، خوفا من الحرمان " الزمكة " ، وطمعا في قسط من الكعكة ، وفي سبيل ذلك مجال خدماتهم مفتوح ودون خجل ، واليوم يشد عضدهم في الترحيب برئيسهم الجديد الرفاق في المعارضة ، ناسين أو متناسين أن ولد الغزواني هو ثاني أبرز أعضاء مجلس العدالة والديموقراطية  الذي حكم في 2005 ، وأنه حافظ على نفس المكان في المجلس الأعلى للدولة الذي حكم في 2008 ، وأنه من يقود الانقلاب اليوم ، فأي جديد ينتظرونه من الرجل غير الاستمرار في النهج الذي أسس له أسلافه من الضباط وساهم في ترسيخه ، وطالب باستمراره بالأمس مؤيدوه اليوم ؟
يوما بعد يوم تتضح معالم حكم الرئيس الجديد ، ويتضح لمن توهم أنه مختلف عن سلفه أنه ليس كذلك ، فهو يشغل نفسه بالأمور الخارجية ، أما الداخلية فهي لما كانت عليه وماهي عليه تستحق ، أسفاره أكثر من خروجه لتفقد أحوال المواطنين ، وأحوال المرافق ، فهو الآن في سفر خارجي لأسبوع كامل في الوقت الذي يحتاج فيه البلد لكل دقيقة من وقت من يفترض فيهم أنهم قادته ومسؤولوه ، بلد بحاجة إلى التوقف لدقائق على أحوال مؤسساته التعليمية لكشف حجم الكارثة ، دقائق للوقوف على حال المرافق الصحية لكشف حجم الجرم ، دقائق في السوق للوقوف على الارتفاع الجنوني للأسعار ، دقائق لقراءة تقارير محكمة الحسابات ...، وبعد ذلك الدخول في الأيام والأسابيع التشاورية من أجل البحث عن حلول واقعية ، وفق استراتيجيات يتم وضعها لحل تلك المشاكل ، والسهر على تطبيقها .
إنما وصل إليه الوضع اليوم ينذر بخطر حقيقي ، تصور أن يجوب مواطن السوق ذهابا وإيابا وهو لا يستطيع شراء قوته ، ودولته تتفرج ، أسعار بالأصل ارتفاعها جنوني تزيد في ظرف أسبوع وبمعدل يتراوح بين 8 و 24%  ، والدولة ليست لديها أي وسيلة لضبط الأسعار ، وهي تترحم على سونمكس ، وتترك التوريد للاحتكار ، فلم يعد بإمكانها الاستيراد ولم تفتح التنافس أمام الخصوصيين في استيراد المواد الغذائية ، بل تكتفي بالتفرج على مواطنيها والأسعار تخنقهم ، وبدل التدخل تتركهم للمضاربة التي يحرمها ويجرمها القانون ، وللمفارقة أتذكر هنا أن المخرج الشرعي الذي وجده العلماء للدولة من أجل تبرير تعاملها بالفائدة هو  ضمان الأمن الغذائي للمواطنين !
إن أحد تجليات الخطر أيضا الذي يهدد كيان الدولة هو ما ورد في تقارير محكمة الحسابات من فساد و نهب وتبديد للمال العام ، والأخطر كون المحكمة جهاز رسمي مهمته الرقابة على صرف المال العام ، ومن المفترض أن له مصداقيته لدى الجهات الرسمية ،  وبدل فتح تحقيق في النهب وقضايا الفساد التي تحدثت عنها تقارير هذا الجهاز يتم تجاهلها ، وهو ما يترك الانطباع بأحد أمرين إما أن الدولة لا تستطيع التحقيق مع الأشخاص المعنيين وهو ما يعني إصدار شهادة وفاة لها ، أو أن من يحكمون يعتبرون نهب وسرقة أموال الشعب أمر عادي لمن يتولون تدبير أموره وهو نوع آخر من أنواع انعدام مفهوم الدولة يستحيل معه قيامها، و بدل ترسيخ حرمة أموال الشعب وحمايتها  تترك للعبث " مال هوش " .
يتم الحديث اليوم عن فساد لم يسبق له مثيل ، حدث بعضه في صندوق الأجيال ، وورد ذلك في تقرير محكمة الحسابات   -بيان رقم4 /غ م/م ح/ 2019  المتضمن للتقرير حول مشروع قانون التسوية لسنة 2018 - ، تقرير تحدث عن  " غياب بعض الوثائق المحاسبية للمبالغ المسحوبة ، بالإضافة إلى غياب مقارنة الحسابات ، كما تحدث عن تحصيل عشوائي ... " ، لم يستدع ما ورد في هذا التقرير من حديث عن الفساد فتح تحقيق في الأمر ، كما حدث مع التقارير التي سبقته ،و التي تحدثت هي الأخرى عن فساد في البلديات ، وفي قطاع النقل  الذي تحدث وزيره قبل أيام عن العقود الوهمية مع شركات صيانة الطرق وإعدادها  ، ووصل  الأمر حد الحديث عن عقود تأجير شاحنات غير موجودة أصلا ، وعقود مع مكاتب وهمية هي الأخرى ، ولم يستدع الأمر أيضا فتح تحقيق ، كما تم أيضا بمعزل عن تقارير المحكمة الحديث عن فساد ومحسوبية و زبونيه في مركز الرقابة والمعلومات والاستخبارات CCCI ، وهو ما كشفته الوثائق المسربة التي تم نشرها مؤخرا ، والتي أظهرت لوائح العمال وبعض  الصفقات التي عقدها هذا المركز ، كما نال أيضا  الكتاب المدرسي نصيبه من الفساد ، والحديث فقط  حول  البحث عن الطرق التي سلكها الكتاب  إلى السوق السوداء بدل المدارس !
و أشد وقعا من هذا ، وقوف وزير صيد ولد عبد العزيز الأمس ولد الغزواني اليوم وهو يحاول تبرير سرقة ثروتنا السمكية في عهد ولي نعمته السابق  ، وتقاسمها بين الوزراء ، وتلك إشارة واضحة وتأكيد على  أن أبشع من ذلك سيعيشه القطاع مع الوزير وفي ظل عهده أو عهدته الجديدة .

إن الواقع اليوم والوقائع على الأرض ، وعقلية التسيير والتعامل مع الملفات ...، تكذب أي قول باختلاف حصل أو يحصل بين نظام ولد الغزواني وسلفه ، وأن الوطن مازال يواجه المشكل الجوهري والمتعلق بانعدام الإيمان بالنظم الجمهورية التي تحكم بها الدول وتساس بها ، وأن عقلية القطيع والزمرة والحاشية هي من يحكم البلد ويعبث به .
" ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" صدق الله العظيم

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire