يستنير الانسان الطبيعي
بما يفعله في الحياة بالعقل الذي رزقه الله اياه ، و ذلك للإستهداء به لفعل الأفضل
، كما يستعين به لفهم الأشياء والبحث فيها لفهم كنهها والوقوف على حقيقتها .
و يراعي العقل المثالي
بالنفس السوية فيما يفعله الصواب ، وذلك ما تمليه إنسانيته التي تحن دوما إلى
القيم والمثل ، وهم غذاء تلك الروح ، الموجود في ربوع الشرائع السماوية ، وما يضاف
لها من المدارس الوضعية في هذا المجال ، غير أن تلك المعالم سرعان ما تفتقدها حين
النظر إلى أفعال مرضى العقول ، وأصحاب النفوس غير السوية ، فوهم عقلنتها وانسجامها
مع القيم والمبادئ يأباه مدلولها ، وسرعان
ما يتلاشى أمام المتتبع للأمر ، الباحث في حقيقته ، وأبرز الأمثلة على ذلك ما يفعله الطغاة اتجاه شعوبهم ،
وما يلازمه من جهد حثيث من طرف من يقتاتون على فتاتهم لعقلنته و جعله قوي الصلة
شكلا بما يناقضه من قيم ومبادئ تحترم الإنسان وتراعي كرامته .
يسعى المستبد دوما لتشويه
المفاهيم وتخريب مدلولاتها ، ويتجلى ذلك أكثر وبشكل أدق في يومنا هذا ، الذي أصبح
تهديد زواله فيه أكثر وخيارا واردا لدى الشعوب ، فهو يستبيح كل شيئ ويستعمل كل ما
أمكن ، بمختلف الأساليب لتسفيه الوعي الاجتماعي الانساني ، وتزييف الاهتمام البشري
وتشتيت الادراك الحسي بتلك المفاهيم ودلالاتها التي وجدت من اجلها أو في
سبيلها ، مجندا لذلك وسائل إعلامه المتعددة
والمتنوعة التي لم تاخذ يوما أو تخرج غير صوره ، ولم تتحدث سوى عن ألوهيته حاشا
لله ، ونبوته وتخليصه ، كما يصاحب ذلك شراء شخصيات عرفت يوما من دعاة هذه المفاهيم
لا غير ذلك .
لا يراعي المستبد من
مفاهيم القيم والمبادئ الإنسانية سوى ما يخدم جثومه على صدور المواطنين ، فهو لا
يعترف بها أصلا ، ولا تهمه ، بل تتناقض مع وجوده ، وتمسه في كينونته ، فمثلا حين
يقول دكتاتور عسكري منقلب على الدستور بالديمقراطية ، أو حقوق الإنسان ... ، وهو
يحكم بالقوة ويقطع أعناق العباد ، ويستهتر بحقوقهم ، وينهش كرامتهم ،
ويحاصرهم حتى في قوتهم ، و أبسط حقوقهم التي لا يستطيع أي منهم الحصول
عليها إلا حين تقطر يداه دما من التصفيق ، وتذرف عيناه دمعا من النفاق ، ويركع
منحيا لجبروته ، معلنا تخليه عن كرامته وباقي حقوقه ، أحقا مدلول هذا يدل على وجوده
؟
تختلف اوجه التضليل ،
وتسير في كل الاتجاهات ، وآخر مثال عليها ما فعل مع الشباب أخيرا ، مع أن ناظره لن
يؤرقه التفكير لفهمه ، فهو جلي ، فاعله وظروفه وتاريخ صاحبه وحاضره مع الشباب ،
وما فعل بهم لم يترك في الأمر لبس على أحد ، يمكن أن يضلل به ، أو يجرف إلى تصديق
شعار وهمي ، مدلول أفعال صاحبه ، وما يرجوه رواد التمثيل الذين ظهروا معه لم تترك
فيه للشك مكان .
فظروفه تسبق انتخاب
الجنرال لنفسه بشهرين فقط ، وتاريخه مع الشباب بين طياته قتل الشاب لمين مانكا ،
والعامل الذي قتل مقرونا مع زميله محمد المشظوفي ، الراحل يعقوب ولد دحود الذي
أشعله الظلم والاستبداد ، وكذلك المعلم عبد الرحمن ولد بزيد ، والشاب الذي قتله
القمع بحانوته الشيخ ابن المعلى ، وشهيد المصحف الشريف أحمد ولد حمود ...،
والتنكيل والظلم يطارد الشباب أين ما وجدوا ، الجامعة تقتحم عليهم ويطردون ويسجنون
بدل حل مشاكلهم ، وفي الشارع حين يخرجون المصير نفسه في انتظارهم ، سواء كانوا ممن
يحملون الشهادات طالبين حق التوظيف ، بغض النظر عن تخصصاتهم ودرجاتهم العلمية ،
لأنهم وقفوا كلهم الموقف ذاته والجواب كان صريحا من يريد مواد الاشتعال نمده بها ،
أو من طالهم بطش الإستعمار في ثوبه الجديد متمثلا في تازيازت و غيرها من الشركات ،
التي لا يجني منها شبابنا اليوم سوى الحرمان ، والفصل التعسفي لمن طالهم سمها دون
ابسط الحقوق ، وفي انتهاك صارخ وبين للقانون ،
ومباركة من يفترض فيهم حمايتهم ، بل وتعذيبهم والتنكيل بهم حين يستنجدونهم وإكمال المهمة ... ، هذا فضلا عن انعدام أي
مشاريع تنموية في حقهم أو غيرهم ممن يشكون البؤس والتهميش في هذا الوطن .
عجبا لمن يفعل هذا مع الشباب بالامس القريب ويريد منهم
اليوم جنودا في مهازله ، أو حتى تصديق
مارتون دأب عليه كل من قمع ونهب من أمثاله ... " إنها لا تعمى الأبصار ولكن
تعمى القلوب التي في الصدور " .
لوكان لمثل هذا المارتون
نتيجة لوجدها الشباب في 7 سنين هي الأقرب ، كان أول شعار فيها الشباب ، فلم ننسى المنتدى
الذي افتتحه الوزير الأول في قصر المؤتمرات في 2009 ، وجمع له أكثر من 600 شاب ،
وقبل أن ينفض الجمع قال المنظمون كما فعل الخلف اليوم ، خرج المشاركون بملتمس
تأييد .. للجنرال ، الأمر الذي استدعى تدخل البازب ، حين رفض المشاركون التزوير
عليهم والكذب ... ، وقبل تنظيم الأخير وما تحقق بينه والاول من إنجاز مع الشباب ، كنا
عرفنا ما نظم من أجله قبل افتتاحه ...
لقد عمل هذا النظام على
تضليل المواطنين ، وتكريس قيم التحريف في كل شيئ ، الأحزاب ، النقابات ... ، وإحلال
محل الشباب المناضل المناهض للظلم والاستبداد ، شباب التجسس ، النفعي الذي يتاجر
بكل شيئ ، يجيد لعب "غش أعطيك فلوس ، لعبة أمل الشعوب " ، ليعيش الكل في
حيرة لا يعرف الصالح من الطافح ، ولا الصادق من الكاذب ، وفي جو مماثل يكون أكثر
اطمئنانا ، لكن الحيل تنكشف ، "والكذب يوكف" ، العيب ليس في التعثر ، وإنما
الاتجار بالضمير .. ، وإخراج دفعة من شباب تحت الطلب في عرض عسكري أو مدني ،
وتسخير كل إمكانيات الشعب لذلك لا يقلب الحق باطلا ، و ما هو كائن غير موجود ،
وأمر سبق إليه سلف الاستبداد ولم يبدد ذلك حلم الشعوب ، فهي اقدر على البقاء ،
والحق لا يتقادم .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire