dimanche 30 mars 2014

تضليل العقل يأباه مدلول الفعل




يستنير الانسان الطبيعي بما يفعله في الحياة بالعقل الذي رزقه الله اياه ، و ذلك للإستهداء به لفعل الأفضل ، كما يستعين به لفهم الأشياء والبحث فيها لفهم كنهها والوقوف على حقيقتها .
و يراعي العقل المثالي بالنفس السوية فيما يفعله الصواب ، وذلك ما تمليه إنسانيته التي تحن دوما إلى القيم والمثل ، وهم غذاء تلك الروح ، الموجود في ربوع الشرائع السماوية ، وما يضاف لها من المدارس الوضعية في هذا المجال ، غير أن تلك المعالم سرعان ما تفتقدها حين النظر إلى أفعال مرضى العقول ، وأصحاب النفوس غير السوية ، فوهم عقلنتها وانسجامها مع القيم والمبادئ يأباه مدلولها ،  وسرعان ما يتلاشى أمام المتتبع للأمر ، الباحث في حقيقته ، وأبرز الأمثلة على ذلك ما يفعله الطغاة اتجاه شعوبهم ، وما يلازمه من جهد حثيث من طرف من يقتاتون على فتاتهم لعقلنته و جعله قوي الصلة شكلا بما يناقضه من قيم ومبادئ تحترم الإنسان وتراعي كرامته .
يسعى المستبد دوما لتشويه المفاهيم وتخريب مدلولاتها ، ويتجلى ذلك أكثر وبشكل أدق في يومنا هذا ، الذي أصبح تهديد زواله فيه أكثر وخيارا واردا لدى الشعوب ، فهو يستبيح كل شيئ ويستعمل كل ما أمكن ، بمختلف الأساليب لتسفيه الوعي الاجتماعي الانساني ، وتزييف الاهتمام البشري وتشتيت الادراك الحسي بتلك المفاهيم ودلالاتها التي وجدت من اجلها أو في سبيلها  ، مجندا لذلك وسائل إعلامه المتعددة والمتنوعة التي لم تاخذ يوما أو تخرج غير صوره ، ولم تتحدث سوى عن ألوهيته حاشا لله ، ونبوته وتخليصه ، كما يصاحب ذلك شراء شخصيات عرفت يوما من دعاة هذه المفاهيم لا غير ذلك .
لا يراعي المستبد من مفاهيم القيم والمبادئ الإنسانية سوى ما يخدم جثومه على صدور المواطنين ، فهو لا يعترف بها أصلا ، ولا تهمه ، بل تتناقض مع وجوده ، وتمسه في كينونته ، فمثلا حين يقول دكتاتور عسكري منقلب على الدستور بالديمقراطية ، أو حقوق الإنسان ... ، وهو يحكم بالقوة ويقطع أعناق العباد ، ويستهتر بحقوقهم ، وينهش كرامتهم ، ويحاصرهم  حتى في قوتهم  ، و أبسط حقوقهم التي لا يستطيع أي منهم الحصول عليها إلا حين تقطر يداه دما من التصفيق ، وتذرف عيناه دمعا من النفاق ، ويركع منحيا لجبروته ، معلنا تخليه عن كرامته وباقي حقوقه ، أحقا مدلول هذا يدل على وجوده ؟
تختلف اوجه التضليل ، وتسير في كل الاتجاهات ، وآخر مثال عليها ما فعل مع الشباب أخيرا ، مع أن ناظره لن يؤرقه التفكير لفهمه ، فهو جلي ، فاعله وظروفه وتاريخ صاحبه وحاضره مع الشباب ، وما فعل بهم لم يترك في الأمر لبس على أحد ، يمكن أن يضلل به ، أو يجرف إلى تصديق شعار وهمي ، مدلول أفعال صاحبه ، وما يرجوه رواد التمثيل الذين ظهروا معه لم تترك فيه للشك مكان .
فظروفه تسبق انتخاب الجنرال لنفسه بشهرين فقط ، وتاريخه مع الشباب بين طياته قتل الشاب لمين مانكا ، والعامل الذي قتل مقرونا مع زميله محمد المشظوفي ، الراحل يعقوب ولد دحود الذي أشعله الظلم والاستبداد ، وكذلك المعلم عبد الرحمن ولد بزيد ، والشاب الذي قتله القمع بحانوته الشيخ ابن المعلى ، وشهيد المصحف الشريف أحمد ولد حمود ...، والتنكيل والظلم يطارد الشباب أين ما وجدوا ، الجامعة تقتحم عليهم ويطردون ويسجنون بدل حل مشاكلهم ، وفي الشارع حين يخرجون المصير نفسه في انتظارهم ، سواء كانوا ممن يحملون الشهادات طالبين حق التوظيف ، بغض النظر عن تخصصاتهم ودرجاتهم العلمية ، لأنهم وقفوا كلهم الموقف ذاته والجواب كان صريحا من يريد مواد الاشتعال نمده بها ، أو من طالهم بطش الإستعمار في ثوبه الجديد متمثلا في تازيازت و غيرها من الشركات ، التي لا يجني منها شبابنا اليوم سوى الحرمان ، والفصل التعسفي لمن طالهم سمها دون ابسط الحقوق ، وفي انتهاك صارخ وبين للقانون ،  ومباركة من يفترض فيهم حمايتهم ، بل وتعذيبهم والتنكيل بهم حين يستنجدونهم  وإكمال المهمة ... ، هذا فضلا عن انعدام أي مشاريع تنموية في حقهم أو غيرهم ممن يشكون البؤس والتهميش في هذا الوطن .
عجبا لمن  يفعل هذا مع الشباب بالامس القريب ويريد منهم اليوم  جنودا في مهازله ، أو حتى تصديق مارتون دأب عليه كل من قمع ونهب من أمثاله ... " إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " .
لوكان لمثل هذا المارتون نتيجة لوجدها الشباب في 7 سنين هي الأقرب ، كان أول شعار فيها الشباب ، فلم ننسى المنتدى الذي افتتحه الوزير الأول في قصر المؤتمرات في 2009 ، وجمع له أكثر من 600 شاب ، وقبل أن ينفض الجمع قال المنظمون كما فعل الخلف اليوم ، خرج المشاركون بملتمس تأييد .. للجنرال ، الأمر الذي استدعى تدخل البازب ، حين رفض المشاركون التزوير عليهم والكذب ... ، وقبل تنظيم الأخير وما تحقق بينه والاول من إنجاز مع الشباب ، كنا عرفنا ما نظم من أجله قبل افتتاحه ...
لقد عمل هذا النظام على تضليل المواطنين ، وتكريس قيم التحريف في كل شيئ ، الأحزاب ، النقابات ... ، وإحلال محل الشباب المناضل المناهض للظلم والاستبداد ، شباب التجسس ، النفعي الذي يتاجر بكل شيئ ، يجيد لعب "غش أعطيك فلوس ، لعبة أمل الشعوب " ، ليعيش الكل في حيرة لا يعرف الصالح من الطافح ، ولا الصادق من الكاذب ، وفي جو مماثل يكون أكثر اطمئنانا ، لكن الحيل تنكشف ، "والكذب يوكف" ، العيب ليس في التعثر ، وإنما الاتجار بالضمير .. ، وإخراج دفعة من شباب تحت الطلب في عرض عسكري أو مدني ، وتسخير كل إمكانيات الشعب لذلك لا يقلب الحق باطلا ، و ما هو كائن غير موجود ، وأمر سبق إليه سلف الاستبداد ولم يبدد ذلك حلم الشعوب ، فهي اقدر على البقاء ، والحق لا يتقادم .

إن تدنيس القيم والمبادئ والعمل على تحريفها ، جريمة ضد الإنسانية ، ويتقاسم المسؤولية فيها المستبد ، ومن ينفذون له ذلك ، حين يستبدلوها بالطمع والخنوع ، والكذب والتضليل ،و قد يعكس ذلك جبن أصحابها وجهلهم وتنكرهم للتاريخ وعبره ، لكن لن يكون نهاية شعب حلم بالحرية والعيش الكريم ، وعمل من أجلهما ومازال على الدرب ، ومدلول فعل هذا النوع من السينما التضليلية ، لم يترك حيله تنطلي على أحد .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire