فقهاء وفنانون يناقشون تنسيق أدوارهم الإصلاحية؟؟؟

من اليمين: الفنان ابوه ولد بوب جدو، والشيخ محمد ولد آبواه، والدكتور محمد محمود ولد سييدي، والشيخ محمدن ولد المختار الحسن خلال "لقاء الفقه والفن" 

– ناقش عدد من الفقهاء والفنانين تنسيق أدوارهم الإصلاحية، معتبرين أن المجتمع يواجه مخاطر حقيقية تتطلب تنسيق الدور وتوحيد الجهود لمواجهتها، مؤكدين أن الماضي الموريتاني يثبت أن جهود العلماء والفنانين في موريتانيا كانت متوحدة.

الأمين العام لجمعية المستقبل للدعوة والثقافة والتعليم الدكتور محمد محمود ولد سييدي اعتبر في كلمته الافتتاحية للقاء أن الخطوة جاءت متأخرة شيئا ما، لكن كانت ضرورية خصوصا وأن الجمعية تأخذ على عاتقها النهوض بالمجال الثقافي، وتعتقد أن لدى الفنانين جزءا بارزا من الثقافة الموريتانية له دوره الماضي وفي الحاضر والمستقبل.

من اليمين: الأستاذ أحمد ولد آبه، الفنانة وعضو مجلس الشيوخ المعلومة بنت الميداح، الشيخ محمد ولد آبواه، الدكتور محمد محمود ولد سييدي، الفنان سدوم ولد أيده

وقدم الأمين العام ورقة مختصرة عن جمعية المستقبل التي يرأسها العلامة الموريتاني الشيخ محمد الحسن ولد الددو، قائلا إنها متخصصة في مجالات الدعوة والثقافة والتعليم، ولها حضور في هذه المجالات الثلاث في موريتانيا، متحدثا عن المؤسسات الموازية للجمعية، ومنها منتدى العلماء الذي ينظم هذا اللقاء ويضم عددا من علماء موريتانيا، كما أن للجمعية مؤسسة أخرى هي منتدى الوسطية في غرب إفريقيا، والذي يضم ثماني دول، وينظم رحلات دعوية وينسق عمل الجمعيات الوسطية في غرب إفريقيا.

الشيخ محمد ولد آبواه تحدث في اللقاء عن الأدوار التاريخية التي قام بها علماء هذا البلد وفنانونه، مركزا على دورهم التأريخي الحافظ للأمجاد، والمخلد للبطولات، قائلا إن لكل منهما دوره الإصلاحي، وإذا لم يتفقا فمعناه أن أحدهما أخطا في طريقه الإصلاحي.

جانب من الحضور الفني والجماهيري "للقاه الفقه والفن" مساء اليوم 

وتحدث ولد آبواه عن المخاطر التي تواجه المجتمع ودور الفن في مواجهتها، قائلا إنه فضلا عن المخاطر الأخلاقية فإن هناك مخاطر التفرقة بين طوائفه، ومجموعاته، مستطردا قصيدته عن الوحدة الوطنية، والتي تتحدث عن خطورة تقسيم المجتمع إلى مجموعات مختلفة وإقامة حواجز بين هذه المجموعات تؤدي إلى تفكك المجتمع وتهدد وحدته.

الفنان ابوه ولد بوب جدو رئيس مكتب اتحاد الموسيقيين الموريتانيين اعتبر في كلمته بالمناسبة أن واقع الفنانين يكشف عن تهميش ممنهج وإهمال، رعته الدولة الموريتانية منذ نأشتها متحدثا عن عوامل اجتماعية وقفت وراء هذا التهميش.

الفنانة أم الخير بنت ايسيف: اعتزلت الفن بناء على فتوى بحرمته مع أني أحبه

وطالب ولد بوب جدو قادة جميعة المستقبل بالعمل على رفع هذا التهميش وحمل قضية الفنانيين حتى ينالوا حقهم من الاعتبار، مضيفا أن التهميش يتجلى في محالات عدة على رأسها الحرمان من الوظائف العمومية، فحتى الإدارة المسؤولية عن الموسيقى والمعهد المنشأ حديثا والمتخصص في الموسيقى لم يعين عليهم فنانين مع أنهم أهل الاختصاص. يقول ولد بوب جدو.

الفنان محمد ولد حمباره رئيس مكتب الحفاظ على الموسيقى الموريتانية تحدث عن الظلم الممارس على الفنانين، مؤكدا أن الكثير من الناس يتعامل معهم بأحكام مسبقة ويحمل عنهم الكثير من الصور المغلوطة، مشيرا إلى أن فناني موريتانيا لديهم طيبوبة خاصة –يقول ولد حمباره- وهم أحرص الناس على الصلاة وعلى الصيام وعلى الذكر، ويبدو حفلاتهم بذكر الله، ويختمونها بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

جانب آخر من الحضور الفني والجماهيري مساء اليوم

وأكد ولد حمباره أن سجلات التاريخ نظيفة فيما يتعلق بالفنانين، وبالأخص في التاريخ الحديث، فلم يعتقل أي أحد منهم بتهمة المال العام، أو تهمة الاختلاس أو السرقة أو القيام ببعض الممارسات المخلة بالأخلاق أو الشرف، معتبرا أن لهم أدوار إصلاحية مجتمعية، ورحبا بالعلاقة مع العلماء التي توفرها جمعية المستقبل من خلال لقاء الفقه والفن.

الأستاذ أحمدو ولد آبه رئيس المكتب الموريتاني لترقية الموسيقى تحدث عن التوجس الذي شعر به عندما وجهت له الدعوة لحضور اللقاء، قائلا: تخوفت أن تكون الدعوة من أجل لقاء ببعض العلماء ليبلغوننا بحرمة ما نقوم به وينتهي اللقاء، مضيفا أنه كان سعيدا بهذا اللقاء ولديه آمال كبيرة في نتائجه.

ابوه ولد بوب جدو (الأول من اليمين) تحدث عن تهميش وإهمال ممنهج للفنانيين منذ نشأة الدولة الحديثة

واعتبر ولد آبه أن البعض يصم الفنانيين بأنهم كثير الهجاء، مضيفا أنه يفضل أن ينظر إلى هذه المسألة من زاوية أخرى وهي زواية حراسته للأخلاق والقيم، فقد كان هجاءهم حارسا للأخلاق والقيم، ومانعا من انتهاك الكثير من الممنوعات، وحاجزا لعدد من الناس عن اقتحامها.

وخلال اللقاء تحدثت عدد من الفنانيين من بينهم الفنانة وعضو مجلس الشيوخ المعلومة بنت الميداح حيث ذكرت بالجوانب التاريخية للفن الموريتاني، مؤكدة أن ما هو منتشر اليوم من النشيد كان موجودا في التاريخ الفني الموريتاني، لكن تخلي الناس عنه وامتهانه قضى عليه.

الشيخ محمد ولد آبواه (يسار) في حديث مع الفنانة لبابة بنت الميداح، والفنان ابوه ولد بوب جدو قبيل بدأ اللقاء الرسمي

كما تحدثت عن وقع الفن في النفس، متحدثا عن تأثرها بأغنية لفنان إنكليزي كانت سببا في اتخاذها قرارا بستر جسدها سترا شرعيا، -كما تقول- مضيفة أنها منذ ذلك الوقت لم ير أي جزء من رأسها، كما حافظت على ستر جدسها، وقد ولدت الأغنية لدي ولدى صديقتي التي كانت حاضرة موجة بكاء، وتوقفنا عن مشوار سياحي كان لدينا. تقول بنت الميداح.

الفنانة أم الخير بنت ابوسييف قالت إنها اتخذت قرارا بعتزال الفن بناء على فتوى تحرمه رغم أنها تحبه، مطالبة بتوضيح الحكم الشرعي، لأنها ترعب في العودة إلى الفن فورا إذا مباحا، لكن تركته عن قناعة وبناء على فتوى شرعية.

المنشد محمد الأمين ولد محمد المصطفى أثناء أدائه لنشيد مساء اليوم في "لقاء الفقه والفن"

المنشد محمد الأمين ولد محمد المصطفى رأى في مداخلة تخللها نشيد أمام الحضور أن الجمعية أرادات أن توصل رسالة للجميع أن تستوعب الجميع من العلماء إلى الفنانين، مضيفا أن للفن رسالة لا تصل إلا من خلاله، وله جمهورها الخاص به، حاثا الفنايين على النهوض برسالتهم وأداء أدوارهم الإصلاحية المنوطة بهم.


وتحدث خلال اللقاء جمع من الفقهاء والفنانين، اتفقوا على إيجابية اللقاء مطالبين بتعميق النقاش من خلال الورشات التي أعلنت جميعة المستقبل عن تنظيمها لتعميق الفكرة وتوسيع دائرتها.

وختم اللقاء بكلمة مع الشيخ محمد ولد آبواه ركز فيها على أدوار الفنانين الرائدة، ومثنيا على أداء المنشد محمد الأمين ولد محمد المصطفى، ومخاطبا الفنانين بقوله "لقد دخلنا عليكم مجالكم الفني بقوة، ونحن في انتظار أن تدخلوا علينا مجالنا".